النمرود | مَلكَ اصقاع الأرض وقتلته بعوضه

 


النمرود ، الطاغية الذي حكم الأرض 400 عام من النار والحديد ، المتجبر الذي تجبر وافسد ووصل حكمه شمال الأرض وجنوبها وجميع أصقاع الأرض .. ولم يكتفي بذلك بل أراد ان يبني صرح يصعد به السماء ويملكها .

جميع الأديان السماوية والغير سماوية روت قصته كأول طاغية حكم الأرض ، كان اسمه وحده مرعب يبث في النفوس الرعب لم يسلم منه كل من في الأرض ويهابه الجميع ..

أول من إرتدى التاج ، وابتدع الإستعمار ، وأول مؤسس لمملكة، وأول من اتدعى الربوبية في الأرض !

ذكر في القرآن الكريم وتحدث عنه رسول الله صل الله عليه وسلم وقال :" ملك الأرض مؤمنان وكافران؛ فالمؤمنان: سليمان، وذو القرنين، والكافران: بختنصر، ونمرود. وسيملكها خامس من هذه الأمة. "

وقال عنه سفر التكوين :" وكوش ولد نمرود الذي ابتدأ يكون جباراً في الأرض ، الذي كان جبار صيدٍ أمام الرب "

ويُصف بأنه كان يتفوق على الناس كما يتفوق على الوحوش في الغابة .. وكانت نهايته بعوضة ! 



نبدأ القصة من البداية
من بعد طوفان نوح عليه السلام ، لو فاتتك القصة تقدر تقراها من هنا : 
إضغط للقراءة
لما رست سفينة نوح عليه السلام بعد ماحدث الطوفان الأعظم واستقرت الأرض وتغيرت ملامحها ومناخها وطقسها ، كان معه على السفينة اولاده ( سام وحام ويافث ) أما ابنه كنعان فكان من الكافرين بنوح وهلك مع قومه .. ومرت الأيام وكثر الأحفاد لنوح وجه من بينهم ( النمرود ) فيما بعد

واختلف العلماء عن نسب النمرود بالتحديد وهو ابن مين من اولاد نوح.. وقال البعض انه " النمرود بن كوش بن كنعان بن سام بن نوح "
والبعض قال انه ابن حام بن نوح عليه السلام

ولكن المؤرخين استندوا على كلام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية على انه ابن سام وليس حام

المهم ياسيدي ان النمرود اتولد في ارض بابل اللي جايه من حضارة اسمها " حضارة أور ، وهي حضارة بلاد الرافدين القديمة وتعتبر من أقدم الحضارات على الإطلاق " وبيعتقد العلماء ان هو نفسه ( مردوخ ) في الأساطير البابلية واللي بتوصفه الأساطير على انه كبير آلهة قدماء البابليين

وعلى الرغم من ان التاريخ اللي اتولد فيه النمرود مش معروف بالظبط ومش دقيق الا ان في مخطوطات قديمة بتقول انه اتولد سنة 2053 قبل الميلاد !

والكتب مذكرتش اي معلومات كفايه عن أمه واخواته بشكل مفصل لكن يقال ان امه " اسمها قرنابيل ، وكانله 6 اخوات "

وفي كتاب لأليكساندر هيسلوب اسمه " Two Babylons " بيتدعي اليسكاندر ان الملكة ساميراميس هي زوجة النمرود ، لكن مفيش أدلة كفاية تؤكد ان كان أليكساندر كلامه صحيح .

وذكر الباحثين ان النمرود كان عنده ولدين ( كوشى ، النمرود الصغير ومعروف واحد منهم في الاساطير البابلية باسم نابو )

بعد ماعرفت مين هو النمرود ، تعال نحكي ازاي ملك الأرض ..!

ملاحظه : كنعان بن سام هو حفيد نوح عليه السلام.. وسمي تيمناً بإسم كنعان بن نوح الذي مات غريقاً في الطوفان وكثيراً مايخلط بينهم البعض لذا وجب التوضيح.




فترة حكم النمرود كانت فترة طويلة من الطغيان ، وخليني افكرك انهم 400 عام حكم فيهم زي ما اشرت في البداية ..

حكم بلاد شنعار او مايعرف باسم بلاد الرافدين واللي كانت معروفة لسنين بعده طويلة بإسم ( أرض النمرود ) ، وانشأ 8 مدن ، 4 منهم في بابل و4 في آشور ، وكانت كل المناطق دي صغيرة ومستقلة تماماً عن بعضها ، لكن النمرود حولهم لامبراطوريات وممالك عظيمة وضخمة جدا كانوا تحت حكمه بالكامل ..

ده غير المناطق اللي لحد دلوقت معروفه باسمه زي " بيرست نمرود ، تل نمرود ، ومدينة نمرود "

وذكرت الكتب التاريخية ان النمرود كان من اشرس الطغاة اللي جم على مر التاريخ ، و أطغى من فرعون موسى لأنه كان عدواني ومخيف ونفوذه وممالكه لا تعد ولا تحصى ، كان هو وجيشه الهائل بيزلزلوا أي أرض يمروا فيها ، وكان شعبه بيصفوه ويمدحوه بـ انه صياد للشعوب وصياد للوحوش بسبب مهاراته القتالية والحربية اللي بتخليه يصطاد اي ارض بجيشها وشعبها وكنوزها بسهولة زي مابيصطاد من الغابة وحوش بمنتهى البساطة

وشهوته للسلطة والحكم حولته لوحش مفترس غير بشري عديم الرحمة ومتجرد من مشاعره . 




جنون العظمة وحب المُلك وصلوا بالنمرود بأنه يصنع برج عشان يوصل لقمة السماء ويتحدى الإله !

يُقال انه هو اللي بنى برج بابل اللي لم يُصنع مثله في التاريخ ولم يبني مثله على الأرض نهائياً ، واللي يعتقد انه اتبنى في مدينة بابل في بلاد مابين النهرين ( العراق حاليا ) وذكر المؤرخين القدماء والكتب التاريخية ان برج بابل اتبنى بناءاً على أوامر النمرود ورغبته

وذكرت الأديان ان النمرود بنى برج بابل عشان يتحدى الإله وحتى لا يغرقه الطوفان كما حدث في عهد نوح عليه السلام
واشتد في ظلمه وطغيانه ويعتقد ان البرج كان سبب من الاسباب للعذاب والنهاية المهينة اللي لحقت بيه حسب كلام الطبري وبعض الروايات الأخرى من التلمود والمؤرخين تتفق مع رواية الطبري . 



ونشر في الأرض الفجور والفساد وحفلات مجون وظهرت عبادة الأصنام وعبادة شعبه له ، وأمر بصنع تماثيل له ليتعبد لها الشعوب ويتوسلوا له وكان بيستمتع بالنظر لهم من شرفات قصره الهائل وهو محاط بالنساء والخمور والكنوز . 


وفي يوم شاف النمرود حلم غريب ، شاف نفسه ينظر للسماء ولكوكب طلع فجأه من العدم وخفى ضوء الشمس لحد ما أصبحت السماء سوداء مظلمة ، وصحي من نومه منزعج وقلقان
فجمع النمرود السحرة والمنجمون والكهنة وطلب منهم يفسروا له الحلم .. وكلهم قالوا له ان في نفس السنة هيتولد مولود ذكر هيكون هلاكه على ايديه .. فغضب النمرود جداً وأمر بقتل أي مولود ذكر يتولد في هذا العام

وفي نفس العام كانت ارادة الله ان يُولد نبيه ابراهيم عليه السلام فخافت عليه امه من النمرود وأخفته عن عيون الناس لحد ماكبر وبقى شاب .. ومرت السنين والايام وحافظ الله على نبيه من عيون الناس ومن بطش النمرود

وكبر ابراهيم عليه السلام وكان شديد الذكاء وحكيم في قراراته ، شاف شعبه بيعبدوا الأصنام ومنتشر بينهم الكفر والفساد ، وكان عارف في قرارة نفسه ان كل ده غلط ، والاصنام لا تضر ولا تنفع ولا تستحق العبادة ، كان عارف ان شعبه جاهلين .. 



وفضل ابراهيم عليه السلام يدعي قومه يوقفوا عبادة للأصنام وعبادة النمرود ، ويحاول يوعيهم بأنها لا تضر ولا تنفع ، ولكن قومه مسمعوش كلامه واعتبروه مجنون ..

وفي يوم كان قومه بيحتفلوا خارج المدينة وطرأ في بال ابراهيم عليه السلام فكرة ومترددش في تنفيذها .. 



راح لمعابدهم فحطم كل اصنامهم وعبث فيها وساب اكبر صنم فيهم واللي بيعتبروه ( الاله الأكبر ) بين اصنامهم ( ويعتقد انه صنم النمرود ) ، وكان هدفه انه يثبت لهم ان الاصنام عاجزه عن الدفاع عن نفسها وملهاش اي قيمة وعبارة عن احجار . 



ولما رجع قومه ولقوا كل اصنامهم محطمه ، غضبوا وطلبوا يحضر امام معابدهم ولما حضر سألوه :
" من هدمها يا ابراهيم !"
فرد عليهم بسخرية :" كبيرهم هذا فعلها ، اسألوه ان كنتم لا تصدقون!"

وبصوا لبعضهم وهما بيتسائلوا :" ازاي نسأل حجر لا يسمع ولا يرى "!

وعرفوا في قرارة نفوسهم ان ابراهيم كان معه حق لما قال ان الاصنام لا تنفع ولا تضر ، ولكن غرورهم وغضبهم عماهم عن الحقيقة واخذتهم العزة بالإثم

ووصلوا الخبر للنمرود وأمرهم بإيقاد نار عظيمة وحرق ابراهيم فيها ، عشان يكون عبرة للناس ولأي حد يحاول يتجرأ على الآلهة

وحضر كل القوم وعلى رأسهم النمرود عشان يشاهدوه وهو بيحترق فوق نار موقودة بكراهيتهم وغضبهم .. ولكن بأمر من الله عز وجل كانت النار العظيمة برداً وسلاماً على نبيه ولم تحرق ابراهيم

يقول الله عز وجل في القران الكريم :" قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على ابراهيم " 



اتعجب النمرود وصعق هو وقومه ! ازاي نار هائلة بيوقدوها وتغلي متحرقش شخص ويخرج منها سليم !
واستفز الموضوع النمرود جداً ، فأمر جنوده يحضروا له الشخص ده وقرر يجادله ويناظره عن ربه اللي بيدعي الناس لعبادته ..
ولما حضر ابراهيم قدام النمرود سأله بتجبر :
النمرود :" ماذا يفعل ربك ؟ "
ابراهيم : " يحيي ويميت "
النمرود :" وانا أحيي وأميت" وأمر حراسه يحضروا له 2 مسجونين محكوم عليهم بالموت ، ودخل لقاعته المسجونين ..

وقدام سيدنا ابراهيم وحراسه قتل واحد وعفى عن واحد ، وكان في فهمه انه عفى عن واحد "فأحياه" .. وقتل واحد "فأماته"

فقال له ابراهيم بثقة :" ان كانت صادقاً فأحيي الذي أمته "
سكت النمرود وأستفزه رد ابراهيم فقال :" ماذا يفعل ربك أيضاً؟"

فقال ابراهيم عليه السلام مبتسماً :" ان الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب ، ففي كل صباح تأتي الشمس من المشرق وذلك من صنع الله تعالى، فإن كنت انت إله فإعكس الأمر وإتِ بالشمس من طرف المغرب "

ويوصف القرآن الكريم رد فعل النمرود لما سمع كلام ابراهيم في سورة البقرة ويقول الله عز وجل :" فبهت الذي كفر "

يعني وشه اصبح باهت واتصدم وعجز عن الرد! 


ودعاه ابراهيم 3 مرات لعبادة الله ورفض غروره الخضوع لله وقال لابراهيم :" لا " ثلاثة مرات ، وفي الثالثة قال لابراهيم
" اجمع جموعك واجمع جموعي !"

استعدوا للعظمة اللي جايه ..

النمرود تحدى ابراهيم وقاله كل واحد مننا يجمع جيشه ونشوف مين هيكسب ، النمرود ام الهك واللقاء في ساحة الحرب وقت شروق الشمس ..

وجمع النمرود كل كبير وصغير في جيشه وكانت ليلة من أهم الليالي في حياة النمرود وفي تاريخ الأرض ، وقبل طلوع الشمس كان النمرود في ساحة الحرب مستعد هو وجيشه الهائل اللي لا يعد ولا يحصى لجنود ( إله ابراهيم )

تحت سماء الفجر ، مستنيين الشمس تعلن أول ضوء لها
بكل غرور واثقين من التحدي ، لم يهلك النمرود وجيشه
من قبل في اي حرب او امام اي مخلوق كان
هزموا اقوى الاعداء وشافوا في الحرب جميع
الأهوال ، فكيف يبدو إله ابراهيم وماهي قوته
كيف يبدو جيشه وكيف سيلحقوا بهم الهزيمة 



وأعلنت الشمس اول ضوء لها في السماء ، فرأى النمرود وجيشه أغرب الجيوش وأصغرهم يملأ السماء وعين الشمس، اخر ماشهدت عليه أعينهم أصغر مخلوقات الله تطيح بأعتى وأقوى مخلوقاته الأرض ، جيش من البعوض يسقطهم أرضاً ، موتى وجرحى يأكل لحومهم ودمائهم ويتركهم عظاماً ، إله ابراهيم يكتب لهم نهاية مهينة ، نهاية تسخر بطغيان النمرود وتجبره ..

كان لقاء النمرود بقوة المهيمن الجبار المتكبر
المحيي والمميت مالك الملك الواحد الأحد
رب ابراهيم المنتقم ، ولمن الملك؟
لله الواحد القهار

وكما حكم النمرود الأرض 400 عام من الطغيان ، قضى 400 مثلهم يضرب رأسه بالنعال بسبب بعوضة واحدة دخلت أنفه وبقيت بأمر الله تعذبه حتى أُهلك بها !
نهاية تقشعر الأبدان . 


وهكذا انتهت قصة النمرود وقصة كل نمرود جاء بعده
ولكل متجبر مغرور أفسد الأرض ولكل من كفر بالله وأخذته العزة بالإثم ، ولكل من طغى في الأرض ، عاد الزمان نفسه آلاف المرات إلى يومنا هذا وحتى قيام الساعة ، ويبقى الملك لله .. لله فقط !

فسبحان الملك .❤️

فضلاً ادعم المجهود وشكراً ❤️
#النمرود
#يارا_عمر 

إضغط هنا لقراءة المقال على فيسبوك

تعليقات

المشاركات الشائعة