الثلاثاء الأسود .. عام 2023 ركود أم كساد؟

 


إلى أين يتجه إقتصاد العالم في ظل أزمة روسيا وأوكرانيا؟
ومامصير الدول العربية وإلى أي مدى قد تزداد الأمور سوء؟

- جميع المعلومات المطروحة والأراء في هذا المقال تم جمعها وفقاً لتقارير الجهات الرسمية والخبراء.

سنة 1918 وبعد انتهاء الحـ، رب العالمية الي كلفت العالم الأرواح والأموال، انتظر الناس في أمريكا وأوروبا عجلة الإقتصاد ترجع تشتغل وتعود حياتهم وأوضاعهم الطبيعية ، ورجع الجنود من الحـ، رب للمصانع والمتاجر والشركات والمزارع عشان يشتغلوا ويعوضوا الخسائر.. وفعلاً

الإقتصاد العالمي انتعش واتحسن وكان في وفرة مالية والكثير من السلع الإستهلاكية والترفيهية زي الراديو والمكنسة الكهربائية
وأصبح جميع الناس عندهم أجهزة زيها ، وامتلك الكثير منهم سيارات ، وانتعشت البورصة الأمريكية بسبب انتعاش الإقتصاد وعدد المستثمرين بالتالي زاد بصورة كبيرة لدرجة ان المزارعين وسواقين التاكسي كانوا بياخدوا قروض من البنوك ويشتروا أسهم

وناس تانيه اتخلوا عن وظائفهم وقرروا يشتغلوا في مضاربة البورصة ، لأن الوظائف المتعبة أصبحت ملهاش قيمة في نظرهم
في حين ان كل الي عليهم يشتروا أسهم ويستنوا الأرباح وخلاص كده ، فلوس سهله وهما مستريحين لأن البورصة مزدهرة وبتكسب .. 


ده اللي الناس كانت فكراه ، لكن الحقيقة ان الشركات الي كانوا بيستثمروا فيها بدأت تعاني من أزمة اقتصادية ضخمة .. لأن الشركات دي كانت بتنتح سلع استهلاكية بكميات كبيرة جدا وتفاجئوا انهم مش هيقدروا يبيعوا كل الإنتاجات وبالتالي توقف انتاج الشركات
والبضائع كسدت ولاحقهم الإفلاس والخسارة!

الخميس الأسود
يوم 24 من شهر 10 لعام 1929 م

بدأ إنهيار بورصة وول ستريت لأن كبار المستثمرين باعوا أسهمهم ، والناس اللي كانوا خايفين ومش عارفين ايه مصير أموالهم وأسهمهم باعوا أسهمهم وراهم ، وتم بيع 19 مليون سهم وبالتالي تسبب ازدياد الأسهم المعروضة للبيع لإنهيار أسعارها


الثلاثاء الأسود
بعد خمسة ايام فقط " إنهارت البورصة تماماً " وبالتالي إنهارت البنوك
وهنا تبدأ الأزمة العالمية الكبرى

إنخفاض التجارة العالمية للنصف ، أعمال البناء توقفت في معظم الدول ، إفلاس المصانع وإغلاق أبوابها
هبوط أسعار المحاصيل بنسبة 60% ، تراجع الناتج الإجمالي الأمريكي من 100 مليار لـ55 مليار
تراجع الصادرات الأمريكية من 7 مليارات إلى 2 ونصف مليار

وبالشكل ده العالم دخل مرحلة عُرفت بـ " الكساد الكبير "
حوالي 13 مليون أمريكي فقدوا وظائفهم ، واللي كان عندهم وظائف انخفضت أجورهم بنسبة 42%
اتشردت عائلات كتير من منازلهم ، وعانى الأطفال من سوء التغذية ، أزمة كبيرة في الغذاء .. الوضع كان مؤسف ومأساوي لدرجة ان السيدات كانت بتلجأ لبيع " أطفالها " ورجال الأعمال بيبيعوا ممتلكاتهم بمقابل رخيص جداً 


كل دول العالم اتأثرت بإقتصاد أمريكا خصوصاً في أوروبا والدول النامية وخصوصاً الخاضعة للإستـ، عمار في التوقيت ده
وتراجعت الأزمة عام 1933م وبرغم انه حصل إنفراجه للأوضاع إلا ان آثار الكساد فضل مستمر واتسبب في وقوع الحـ، رب العالمية الثانية !

وبعد انتهاء الحـ، رب والكساد ، استقرت أوضاع العالم ومشهدش أي أزمات إقتصادية بنفس الخطورة تاني غير أزمة الركود العظيم في 2008 


ولكن عالمنا دلوقت بيمر بأوضاع خطيرة جداً .. حسب توقعات الخبراء
ان العالم على أعتاب أزمة كساد قد تكون أخطر وأكبر من الكساد الكبير
ظهرت الأزمة في 2020 عند تفشي كورونا .. ورجعت من جديد في ظل تفاقم بسبب حـ،رب روسيا وأوكرانيا
و العد التنازلي للعام الجديد بدأ .. و2023 هي البداية

بس الأول.. ايه الفرق بين الركود والكساد؟ واحنا في انهي مرحلة ؟
كل 10 سنين تقريباً العالم بيمر بأزمة إقتصادية والأزمة دي بتكون عبارة عن " ركود " لمدة قصيرة
يعني بيحصل تراجع في النمو ويستمر لفترة لا تتجاوز السنة ولو استمرت لفترة طويلة عن السنة بيصبح اسمها " كساد "
والكساد هو ركود طويل وشديد والنمو الإقتصادي فيه بيصبح بالسالب 


البنك الدولي أصدرفي 15 سبتمبر 2022 تقرير بيفيد
ان مخاطر حدوث الركود اقتصادي عالمي بتشتد كل يوم في ظل تفاقم الأزمة بين روسيا وأوكرانيا
وان الركود هيحصل واسعار الفائدة بتزداد بشكل متزامن معاها ومن المتوقع حسب دراساتهم الشاملة ان العالم هيتجه لركود اقتصادي وسلسلة من الأزمات المالية وقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس تعقيباً عالدراسة :

"يشهد النمو الاقتصادي العالمي تراجعاً حاداً، ومن المرجح زيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي مع انزلاق مزيد من البلدان في غمرة الركود. وما يثير قلقي البالغ هو احتمال أن تستمر هذه الاتجاهات، وما لها من تداعيات طويلة الأمد ذات آثار مُدمِّرة للشعوب في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. ولتحقيق معدلات تضخم منخفضة، واستقرار العملات، وتسريع وتيرة النمو ينبغي لواضعي السياسات تحويل تركيزهم من تخفيض الاستهلاك إلى تعزيز الإنتاج. ويجب أن تسعى السياسات إلى توليد استثمارات إضافية، وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال، وهي عوامل ضرورية لتحقيق النمو والحد من الفقر." 


والمخاوف بتتجدد مع انهيار الاقتصاد في الدول الأوروبية وتفاقم الأزمة يوم بعد يوم مع اقتراب الشتاء
ويخرج تحذير حاد من صندوق النقد الدولي ويعلنوها صراحه :" الأسوأ لم يأت بعد "

أكد صندوق النقد انهم بيتوقعوا انخفاض توقعاتهم للاقتصاد العالمي وأكدوا ان بلاد كتيره هتحس بتأثير الركود على اقتصادهم خصوصاً الدول المستهلكة وقال بيير أوليفييه غورنشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي: "أكثر من ثلث الاقتصاد العالمي سيتأثر هذا العام أو العام المقبل، بينما الاقتصادات الثلاث الكبرى – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين – ستواصل التعثر".

وبيعتقد الصندوق الدولي ان التضخم العالمي هيوصل لذروته السنه دي لكن هيفضل مرتفع لفترة أطول مما كان متوقع حتى بعد محاولة البنوك المركزية في السيطرة عليه ! والتوقعات كالتالي

يتوقع أن يرتفع التضخم من 4.7% في 2021 إلى 8.8% هذا العام. ومن المتوقع بعد ذلك تراجعه 6.5% في عام 2023 و4.1% في عام 2024. 


ركود أم كساد ؟
الخبراء بيقولوا ان الاقتصاد العالمي بيتجه لمصير مجهول ومخيف ، ومن الصعب تحديد دلوقت ان كان الموضوع هينتهي بركود او هيستمر ويتفاقم لمرحلة الكساد .. ولكن المؤكد ان لو الامور اتطورت لكساد فا هتكون كارثة عالمية فتخيلوا ان العالم لم يشهد إلا فترة كساد واحده بس وكانت سبب لأخطر حـ، رب في تاريخ البشرية .. فا لو شهد العالم مرحلة كساد جديدة ياترى ايه هتكون النتيجة؟
نتمنى ان الموضوع ينتهي عند كونها مجرد فترة ركود 


ونفهم من ده أن أزمة الدواجن مش هي الأزمة الوحيدة اللي هتظهر خلال الفترة الجاية
بما أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استحوذت بنسبة 40% صادرات اوكرانيا من القمح والذرة عام2021 حسب الدراسات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية .. ومصر تعتبر أكبر مستورد في العالم للقمح .. فاتعالوا نحللها واحده واحده
بجانب ارتفاع اسعار البنزين وتوقف حركة التجارة .. هترتفع أسعار الخامات المستلزمة في مزارع الدواجن والإستزراع السمكي والمواشي وإلخ .. ويحصل فيها عجز 

أصحاب مزارع الدواجن حالياً بيقولوا ان الشركات الكبرى كلها بدأت تلمس الإنهيار بسبب ان في عجز في استيراد الخامات اللازمة لتربية الدواجن .. فأصبحوا بيلجأوا مش بس لإعد، ام الكتاكيت .. بل بيعدمـ، وا الأمهات نفسها وده معناه توقف الإنتاج اساساً .. وبالتالي ممكن نلاقي سعر الفراخ في السوق دلوقت قليل بسبب ان المزارع والمحلات هتبيع الأمهات بالكيلو بدل تربيتها لإنتاج البيض والكتاكيت

وكمثال .. الفراخ اللي متكلفة 300 إلى 1000 جنية .. هتتباع بـ 40 إلى 150 جنية
وده معناه خساره كبيرة ونقص في الإنتاج مستقبلياً .. بالتالي هيحصل فجوة وهنشوف سعر الكيلو مرتفع وكرتونة البيض هتكون بأسعار فلكية ! 


ولكن هل دي النهاية؟
نفس الغلاء الفاحش والعجز في أسعار الأعلاف بيهدد المزارع السمكية بالإنهيار .. وعدم وجود خامات لتصنيع الأعلاف البديلة بيهدد بكارثة غذائية قادمة وقد تكون سريعة جداً وهنحس تأثيرها بشكل عمرنا ماتخيلناه .. مصر بتعتمد على استيراد الصويا والذرة الصفراء من الخارج .. بالتالي الثروة السمكية والحيوانية في مصر مهدده

وبالتالي العمال مهددين بخسارة وظائفهم .. وعجلة الإنتاج كلها في خطر

ولكن هل مصر بس اللي بتمر بالأزمة دي؟! الإجابة لا .. الشرق الاوسط بالكامل هيلمس التأثير ده بشكل كبير خلال الفترة المقبلة 


هل معنى الكلام ده اننا داخلين مجاعه زي مابيتم الترويج حالياً؟
صعب نتوقع شيء زي ده حالياً وده الرأي الأقرب للمنطق والحياد بناءاً على توقعات صندوق النقد والخبراء
الفترة القادمة هي فترة ركود ، وتأثيراتها فعلاً صعبه وهتكون ملحوظة ومؤذيه وشديده جدا للفئة الكادحة والمتوسطة في الدول العربية وهنشوف عجز وارتفاع جنوني للأسعار ومشاهد كتير مُحبطه ومخيفه بسبب المصير المجهول اللي مستنينا
لكن لو إستمرت فعلاً أزمة الركود ومنتهتش في مدة لا تزيد عن السنة .. وهي السنة القادمة 2023 .. فا للأسف هيكون مصيرنا كلنا لا يعلمه إلا الله عز وجل .. ليس لها من دون الله كاشفة.

وفي الختام
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين.

انتهى. 


تعليقات

المشاركات الشائعة