خطيئة العجل | الجزء الثاني من الدجال الأكبر

 


— هل يُعقل أن ترى بعينيك الشرور ، وتحارب من أجلها؟
نعم ، اذا وقعت في الفتنة .. ياويلنا من الفتنة .

الجزء الثاني من " الدجال الأكبر "

" انه لقائنا من جديد يازيل ، انا وانت من المؤجلين المنظرين ، انا وانت نرتقب الوعيد ، جميع الأمور تسير بشكل جيد كما قُدر لها وها انا على يقين اني سأنهض بين ترحيبهم الحار .. بهلاكهم "


قصتنا النهاردة تعتبر واحدة من اغرب القصص اللي حصلت في عهد سيدنا موسى عليه السلام طوال فترة نبوته

وبرغم ان القصة مش كبيرة ، ويخشى العلماء الخوض في تفاصيلها بسبب تحريف القصة الاصلية من قبل الyهود .. الا ان القصة سابت وراها علامات استفهام لم يجاوب عنها احد ده غير انها حيرت جدا كل العلماء اللي درسوها

وخوفاً من نقل اي تحريف او اسرائـyـليات ، فالقصة اللي هتقروها دلوقت منقولة عن القران والأحاديث الواردة في السنة الصحيحة

---

تبدأ القصة بعد ما سيدنا موسى نجى قومه من فرعون في معجزة شق البحر المشهورة ، واتجهوا لفلسطين .. واثناء رحلتهم وسفرهم لفلسطين مروا على قوم كافرين بيعبدوا عجل وبيقدموا له القرابين وبيحتفلوا حواليه ..

وكان رد فعل بني اسرائـyـل غريب .. قالوا لسيدنا موسى " اجعل لنا اله مثله !" ، وتعجب منهم سيدنا موسى وقالهم

" انكم قوم تجهلون!" وسالهم باستغراب ازاي بيقولوا كده؟ ربنا لسه منجيكم من فرعون وبطشه ودلوقت بتطلبوا اله غير الله تعبدوه؟!
وحذرهم سيدنا موسى من الكفر بالله والشرك ، وكرر لهم كلامه بأهمية توحيدهم لله وان مينفعش يعبدوا اله غيره !


ومرت الايام وجه يوم الميعاد اللي وعد ربنا فيه سيدنا موسى بانه هيكلمه عز وجل ويعلمه علم من عنده ، وطلب سيدنا موسى من اخوه هارون انه ياخد باله من قومه لحد مايرجع من سفره وحذر قومه ( بني اسرائـ yـيل ) من الشرك وارتكاب الذنوب والمعاصي
ووعظهم ووصاهم بالدعاء والعبادة

وفعلا سافر سيدنا موسى لمده اربعون ليلة تقريباً وكانت الأمور طبيعية جدا بين قومه ، ولكن في تلك الاثناء كان بينهم

شخص ملقب بـ السامري ويقال ان "سامري" نسبة لأصله من منطقة اسمها سومرة ، وان اسمه الحقيقي " موسى بن ظفر او ميخا " والكتب الاسرائـyـلية بتقول انه كان اسمه هارون مش موسى وعلى كل حال العلماء فضلوا تسميته بالاسم اللي سماه به الله في القران الكريم وهو السامري ... وعاش السامري بين قوم موسى عليه السلام وهو بيتظاهر بالايمان

وعمره ماكان مؤمن بل شخص خبيث ومنافق ..
وفي يوم استغل السامري غياب سيدنا موسى واتكلم مع القوم
بلؤم شديد وطلب ياخد منهم ذهب كانوا خدوه من قوم فرعون قبل هروبهم من مصر .. وكان سيدنا موسى مانعهم من جمع اي غنائم من مصر اصلاً

فاستغل الموقف وقالهم : اين ذهبكم لأخلصكم منه؟
وخاف القوم من انه عرف سر زي ده كانوا مخبيينه على سيدنا موسى .. وادوله كل الغنائم اللي جمعوها والذهب

جمع السامري كل الذهب وصهره ونحته على شكل عجل
ورمى السامري على العجل تراب فبدأ العجل يصدر صوت يشبه الخوار وكأنه حي ! 


وبعد ما خلص السامري العجل الذهبي خرج به ورفع عنه الغطاء ،و صعد على منبر وجمع القوم كلهم وقال لهم :" أتعلمون ماهذا؟!"

بصوا لبعضهم في حيرة من امرهم واندهاش .. هما فاكرين شكل العجل .. ده العجل اللي كانو عايزين اله زيه ، لكن موسى حذرهم؟ ووبخهم؟ ايه بيحصل ؟

سأله القوم: " لا ! لا نعلم.. ماهذا؟!"
قالهم :" هذا إلهكم .. لقد سافر موسى ليكلم ربه ، ولكنه نسى ان الإله موجود هنا! بينكم "

نظروا لبعضهم في تعجب وفجأة هلل القوم وطافوا حوالين العجل وهما بيرقصوا وبيحتفلوا !

وخرج هارون اخ موسى عليهم السلام وكان مصدوم ومش مدرك ايه اللي بيعمله السامري ! وقالهم بغضب :" اتقوا الله ! ماذا تفعلون"


ولكن تجاهلوا هارون وتحذيراته ، وزاد غضب هارون جدا وقال لهم
" ان ربكم الرحمن! اتبعوني واطيعوا أمري!! "

فهددوه بالقتل وكانوا بالفعل قربوا يقتلوه وينهوا حياته وقالوله باستهزاء شديد : " اذهب انت! لن نتركه حتى يرجع لنا موسى "

وشاف المنظر هارون وصعق مش مصدق ازاي يتركوا عبادة الله بالسرعة دي وبدون اي تردد وازاي مش خايفين من ربنا ومن العقاب اللي حذرهم منه موسى؟!

وفي الوقت ده قال الله عز وجل لموسى : ( قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ )
وعرف سيدنا موسى من الله ان قومه اتفتنوا واشركوا بعبادة الله واستهانوا بالعقاب اللي حذرهم منه!

فغضب موسى جدا جدا وكان بيمشي وهو بيسرع خطواته عشان يلحق يرجعلهم وسافر بسرعه كبيره .


ولما وصل سيدنا موسى وشاف قومه بيطوفوا حوالين العجل واشركوا بالله وبيقدموا لتمثال القرابين وبيمارسوا طقوس محرمة
اشتد غضبه وغيظه منهم , وكان بيحمل في ايديه الواح مكتوب فيها التوراة من الله عز وجل وكان لهم فيها هدى ورحمة من الله

كما قال تعالى : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين ) [ الأعراف : 145 ]

ولكن غضب موسى لما اشتد من المنظر اللي شافه ، خرج عن اعصابه ورمى الالواح في الارض بقوة غضباً لله عز وجل


ودخل بين قومه غضبان ومحبط منهم. وقال لهم بتوبيخ شديد

( قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي) (86)

بمعنى ، ربنا كان واعدكم وعد كويس وخير ليكم ،فا ايه معنى اللي عملتوه زهقتوا ولا عاوزين ربنا يغضب عليكم وخلفتوا وعدي والمعاد اللي حدده لينا ربنا؟!

خاف القوم من سيدنا موسى ومن غضبه !

فقالوا له اللي حصل ورموا اللوم على السامري :" لم نخلف موعدك ! بل اننا كنا نحمل معنا اوزار ( غنائم ) واخذها السامري وصنع لنا العجل "

فغضب موسى اكتر وراح لأخوه هارون وشده من لحيته بقوة
وقاله " ياهارون! ألم أأمرك عليهم ! ألم اقل لك ان تهديهم!!"

فرد عليه هارون بحزن شديد :" يا ابن أم، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي .. لقد هددوني وكادوا ان يقتلونني ، وخشيت ان تقول اني قد فرقت بين بني اسرائyل .. فلا تشمت بي الأعداء "

فـ سابه سيدنا موسى وساب لحيته .. وركز معايا في اللي جاي ! 


راح سيدنا موسى للسامري وسأله :" ماخطبك ياسامري!"

فارد عليه السامري رد غريب جدا حير أهل العلم .. ذكر في القران الكريم .. قال عز وجل :" بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي"

تعال بقا نرجع ليوم سفر سيدنا موسى ، حسب حديث الرسول عليه الصلاة والسلام والايات اللي جت في القران ..

السامري قال لسيدنا موسى انه شاف حاجه محدش من القوم قدر يشوفها وأبصر بحاجات محدش هيفهمها ، وحكى لسيدنا موسى انه شاف ملك من الملائكة وحسب تفكيره المحدود وعلمه البسيط أطلق عليه اسم " رسول " ومكنش يعرف انه ملك من الملائكة .. وكان جبريل راكب فرس

وبشكل غير ارادي السامري اخد بقبضة ايده من غبار فرس جبريل وخباها لحد ماصهر الذهب ورمى عليه الغبار وقال له ( كن فيكون ) فتحول لعجل ذهبي منحوت وله صوت خوار .. وحس من جواه انه لازم يعمل كده لسبب ما مش مفهوم
واعترف ان نفسه سولت له يفتن القوم بالعجل فعلاً !

وسمعه سيدنا موسى للآخر وبنظرات غضب قال له :" إن لك في الحياة ان لا تمس احداً ولا يمسك احد .. وجزائك عند ربك ."

حكم عليه سيدنا موسى بنفيه من بين القوم ، ويعيش في الدنيا بدون مايلمس شيء في الدنيا ولا شيء يقدر يلمسه ، لا يقتل ولا يتقتل ، ومحاسبوش بل سابه لربنا لان له جزاء ( ويوم لن يخلفه) 


وراح سيدنا موسى يحطم العجل الذهبي وصهره قدام عيون قومه
وقدام عيون السامري وتخلص منه للأبد وقال لهم من شدة غضبه
ان الأهون لهم يقتلوا نفسهم أحسن ماينزل عليهم غضب ربنا
وبالفعل استيقظ القوم من فتنتهم وبكوا بكاء شديد وندموا
واخذوا السيوف وقتلوا بعضهم البعض ! 


الغريب في القصة وتعجب منه العلماء هو رد فعل سيدنا موسى مع السامري .. وده خلى البعض يعتقدوا ان السامري هو الدجال او انه واحد من الدجالين الي هيعاونوا الدجال الأكبر

تعال نفكر فيها زي ماحاول العلماء يحللوها

سيدنا موسى غضب لدرجة انه رمى الواح التوراة اللي خده اثناء لقاءه مع الله عز وجل ! وشد اخوه من لحيته قصاد القوم كلهم وقال لهم اقتلوا نفسكم اهون لكم من الشرك بالله !

كل ده عمله مع اللي اتفتنوا ! فا ازاي ساب السامري اللي كان سبب في فتنتهم اصلا يمشي بدون اي عقاب ؟!

بعض العلماء قالوا انه لو كان الدجال ، ليه سيدنا موسى مقالش لقومه ولا حذرهم منه!؟ وازاي يخفى على هارون وموسى اصلا معلومة مهمة زي دي .. وشاف العلماء ان لا يجوز نقول انه الدجال لان مفيش شيء مؤكد

والبعض الاخر شايف ان سيدنا موسى كان من الصعب يسيطر على نوبات غضبه ، فا اكيد في سبب قوي يخليه يمنع نفسه من عقاب السامري ويكتفي بأنه يقوله انه هيعيش في الدنيا بدون مايلمس حد ولا حد يلمسه ويفضل منبوذ وجزاءه عند ربنا !

وبيفترضوا انه قد يكون عرف سيدنا موسى من الله هوية السامري الحقيقية وعشان كده سابه يمشي ، ويمكن يكون من المنظرين ليوم معلوم عند الله وحده .. ويمكن دي مكانتش اول ولا اخر مره يفتن فيها الناس

فهل ده له علاقه فعلا بالسامري؟ هل الدجال من الهائمين والمنبوذين في الأرض ؟ هل ده السبب اللي خلى موسى يسيبه يمشي؟ الله اعلم

جميعها اجتهادات ويبقى العلم عند الله 


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ان بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم " إلى آخر الحديث.

----
" هل رأيت المحرمات والمجون ، أصبناهم بالكفر والجنون ، لنا لقاء قريب يازيل ، ياصديق . "

تعليقات

المشاركات الشائعة